الدكتور منذر اسبر:
تتميّز الانسانية بمفاصل اساسية يتم فيها الانتقال الى مراحل جديدة في وجودها وامتلاك مصيرها . مولد الرسول العربي الشريف يضع امامنا هذا المفصل التاريخي الذي حقق نهوضــــــا جديدا مؤسسا في الحياة البشرية .
لقد شكلت الرسالة المحمدية النبوية فتحا سلميا طوال الدعوة في مكة وفتحا تحريريا مع هجرته الى المدينة فعودته الى مكة من جديد بالتفاف العرب حولها واتحادهم من اجلها . وفي الوقت الذي كانت فيه الحضارات القديمة قد استنفذت امكانية استمرارها اضطهادا واستبدادا واستعبادا، فلقد شكلت الثورة المحمدية النبوية تحريرا للشعوب واندر اجها في مشروع كوني لها جميعا سلما وعدالة واخاء انسانيا وعمرانا جديدا.
العرب كانوا حملة هذه الرسالة الاوائل ومن يحمل رسالة فلان التاريخ نفسه قد اهّله لذلك باتجاه جديد اجتماعا وقيما وعلاقات .الرسالة نفسها كانت رسالة توحيد تعترف بما سبقها من الاديان وبما سبق من مكارم الاخلاق التي اتى الرسول العربي لاتمامها ومن ان الانسان كائن حي قادر على الاكتمال فيما يقوم به وانه مستخلف على الارض لاعمارها وصيانة النوع الانساني فيها وقد كرّمه الله وخلقه على أحسن صورة .
بهذا استطاع العرب ومع غيرهم من الشعوب المتحررة ان ينشروا الرسالة الجديدة خلال ربع قرن وبماقاله غوستاف لوبون (ماعرف التاريخ فاتحا ارحم من العرب) .
الفكرة العربية نفسها تتكون وتتشكل لتأخذ بدورها قسماتها الاساسية في مشروع عمراني حضاري يجمع العرب وغيرهم تفاعلا مع كافة الثقافات وتقدما في العلوم والفنون والصنائع ووضع الموارد الطبيعية والاقتصادية والاكتشافية في خدمة الانسان والاجتماع الانساني وتجاوز العصبيات القبلية او الشوفينية او المذهبية او التقسيمية بل وبالثورة الدائمةعلى اصحابها ودعاتهااليوم.
كلما جاء ت ذكرى المولد النبوي الشريف كلما غمرنا الاجلال والتقديس لها ونظرنا الى المستقبل بانوار الاخاء والسلم الاهلي والعدل والاتحاد.
باريس 12/12/2016
د. منذرابومروان اسبر
اترك تعليقا بدون أية روابط